جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107449 مشاهدة print word pdf
line-top
الابتداء بحمد الله

في بعض الروايات: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فلذلك جمع بينهما فقال:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
إلـى سـبيـل الحـق واجتبانــا
(الحمد): ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، هكذا يعرفه بعضهم، وقيل: (الحمد): فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، فالحمد في الأصل هو: الثناء، ويطلق عليه حمد، جاء في الحديث: إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي .
فالله تعالى محمود على كل حال، ويحمد على السراء وعلى الضراء؛ وذلك لأنه سبحانه إنما يقدر ما فيه خير ولو أنه ضار في الظاهر: كمرض، وفقر، ونحو ذلك، فيحمد على كل حال.
ولكن الناظم هنا صرح بسبب الحمد:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
...........................................
يعني: أننا نحمده على أمر عظيم وهو الهداية، هدانا إلى أي شيء؟ إلى سبيل الحق؛ فإنها نعمة عظيمة يعني: دلنا وأرشدنا إلى سبيل الحق، (الهداية) هي: الإيضاح للشيء والدلالة عليه، (وسبيل الحق) هو: الصراط السوي الذي ليس فيه اعوجاج ولا انحراف، (واجتبانا) يعني: اختارنا، فإنه –سبحانه- يختار من يشاء، في قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ فإذا وفقك الله تعالى للسبيل السوي، وثبتك عليه، فأنت ممن اجتباهم، يعني اختارهم كصفوة من عباده، وذلك لأنه هدى من شاء بفضله، وأضل من شاء بعدله، فيعترف العبد بفضله عليه.
ويقول:
أحمـده سبحـانــه وأشـكـره
ومن مسـاوي عملـي أستغفــره
يعني: أجمع له بين الحمد والشكر، والحمد أسبابه أعم من أسباب الشكر؛ لأن الله تعالى يحمد على السراء وعلى الضراء، والشكر إنما يكون على السراء، ولكن قالوا: الحمد يكون باللسان، وأما الشكر فيكون باللسان وبالجنان وبالأركان؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
أفادتكم النعمـاء منـي ثـلاثــة
يدي ولسانـي والضمـير المحجبـا
يعني أن نعمكم علي أفادتكم ثلاثة مني: أني أشكركم بيدي، وأشكركم بلساني، وأشكركم بضميري الذي هو القلب فيكون الحمد أعم سببا، والشكر أعم متعَلقا.
(والتسبيح): التقديس، أحمده سبحانه يعني هو الْمُسَبَّحُ يعني الْمُقَدَّسَ وَالْمُنَزَّهَ.

line-bottom