إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79649 مشاهدة
الابتداء بحمد الله

في بعض الروايات: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فلذلك جمع بينهما فقال:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
إلـى سـبيـل الحـق واجتبانــا
(الحمد): ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، هكذا يعرفه بعضهم، وقيل: (الحمد): فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، فالحمد في الأصل هو: الثناء، ويطلق عليه حمد، جاء في الحديث: إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي .
فالله تعالى محمود على كل حال، ويحمد على السراء وعلى الضراء؛ وذلك لأنه سبحانه إنما يقدر ما فيه خير ولو أنه ضار في الظاهر: كمرض، وفقر، ونحو ذلك، فيحمد على كل حال.
ولكن الناظم هنا صرح بسبب الحمد:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
...........................................
يعني: أننا نحمده على أمر عظيم وهو الهداية، هدانا إلى أي شيء؟ إلى سبيل الحق؛ فإنها نعمة عظيمة يعني: دلنا وأرشدنا إلى سبيل الحق، (الهداية) هي: الإيضاح للشيء والدلالة عليه، (وسبيل الحق) هو: الصراط السوي الذي ليس فيه اعوجاج ولا انحراف، (واجتبانا) يعني: اختارنا، فإنه –سبحانه- يختار من يشاء، في قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ فإذا وفقك الله تعالى للسبيل السوي، وثبتك عليه، فأنت ممن اجتباهم، يعني اختارهم كصفوة من عباده، وذلك لأنه هدى من شاء بفضله، وأضل من شاء بعدله، فيعترف العبد بفضله عليه.
ويقول:
أحمـده سبحـانــه وأشـكـره
ومن مسـاوي عملـي أستغفــره
يعني: أجمع له بين الحمد والشكر، والحمد أسبابه أعم من أسباب الشكر؛ لأن الله تعالى يحمد على السراء وعلى الضراء، والشكر إنما يكون على السراء، ولكن قالوا: الحمد يكون باللسان، وأما الشكر فيكون باللسان وبالجنان وبالأركان؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
أفادتكم النعمـاء منـي ثـلاثــة
يدي ولسانـي والضمـير المحجبـا
يعني أن نعمكم علي أفادتكم ثلاثة مني: أني أشكركم بيدي، وأشكركم بلساني، وأشكركم بضميري الذي هو القلب فيكون الحمد أعم سببا، والشكر أعم متعَلقا.
(والتسبيح): التقديس، أحمده سبحانه يعني هو الْمُسَبَّحُ يعني الْمُقَدَّسَ وَالْمُنَزَّهَ.